ظلت المدائح النبوية مجالا لتنافس الشعراء في التعبير عن محتبهم لخير البرية ﷺ، وتباريهم في الكشف عن عظيم قدره ورفعة مكانته ﷺ، فتشكل على امتداد التاريخ الإسلامي سجل نوراني مشتمل على أسماء مئات الشعراء الذين نظموا أصدق وأجمل معاني الحب والتبجيل لجنابه الشريف ﷺ. ويأتي الإمام البوصيري ضمن نفر قليل من الشعراء استطاعوا أن يحفروا أسماءهم بحروف بارزة في هذا السجل، من خلال ما نظموه من مدائح فائقة، أذعن لها جميعهم بالسبق، وتوارى خلفها ما عداها من المدائح، على سمو قدرها. وتعد الهمزية -جنبا إلى جنب مع البردة- من أفضل ما قيل في مدح المصطفى ﷺ شعرا، حتى قال بعض العارفين: «ما مُدِح خيرُ البرية بمثل البُردة والهمزية».وإلى جانب ما اتسمت به الهمزية من عذوبة في الألفاظ وجزالة في المعاني، مثلها في ذلك مثل البردة، إلا أن الهمزية -نظرا لطولها- انفردت باشتمالها على أطراف من شمائل المصطفى ﷺ وجوانب عدة من سيرته، حتى وجدنا كُتَّابَ السيرة بعد البوصيري يستأنسون بأبياتها في عرضهم لأحداث السيرة النبوية.
Download Book 15 978-977-848-089-4